السبت، 13 ديسمبر 2008

حيث أحببت...

ذهبتُ إلى ذلكَ المكان حيث كنت ألقاها...
جعلت أدور حوله، أدور حوله نصف ساعة دون أن أدخل، أكان خوفا؟! أكان وهما بعودة الزمن إلى الوراء؟! أكان أملاً بأن أجدها هي هي، في المكان الذي عهدتها فيه، تنتظرني، تبتسم لي، تعاتبني لأانني تأخرت؟! أألقاها هناك كما في الماضي؟؟ ولكنّي في الحقيقة وَجلت من مواجهة ذكرياتي، وخفت... خِفت ان يسيل الدّمع دون استئذان، فتفضح العين ما ستره الزمن والقلب. لكنّني في النهاية دخلت إلى حيث كنا هناك حبيبيْن، دخلت ونظرت إلى المعقد الحجري الذي شهد حبّي وأحلامي، كان ما يزال هناك يشهد أيضا على الماضي. هذا الماضي الذي أفزع الآن منه وأهرب. فأحسست حين رأيته أنّ هذا المقعد، الذي طالما اعتبرته ملكي، قد فقدته إلى الأبد، تعجّبت لأانه لم يعرفني، لم يسألني عن حالي، وما فعلت بي الأيّام، كيف لم يسألني عنها؟؟ ألم يحنّ إلى تيك الأحاديث الدافئة؟؟ ألم يتذكّر البسمات الحلوة والأيّام المشمسة؟؟! لقد فقد بريقه اليوم، وائتلاقه الفرح. فهو عجوز مريض مكدود.. وهو حجر! هذه هي المرّة الأولى التي أعرف بها أن مقعد حبّي حجريّ!! فهل علّقت آمالي بحجر؟؟ وهل أحببت حجرًا؟
وبدت عواطفي مثله، سقيمة، تتهافت ببطء وتذوي...
وانتابني الغثيان الشّديد فأسرعت بالخروج وعدت إلى منزلي....

الخميس، 11 ديسمبر 2008

كيف أدركت

ها أنا ذا اليوم أقول ما لم أقله قط، أعترف... نعم أنا أعترف... ولكن بأية جريمة؟ وبأي دنس حقيقي؟ لا أدري المهم أنّي أعترف. نعم، لقد قمت بالكثير من الحماقات، الكثير من الآثام... يرفضها المجتمع؟ الناس؟ العالم؟ نعم.. ولكن..
أنا أعترف اليوم بما لا أعترف بوجودِه. أقرّ بما ليس موجودا في شرعي. أنا الذي تألمت، فرحت، عظمت، ثم نمت...
في اليوم الأول الذي قابلت فيه طبيب الأمراض العقلية، قال "أنت مكتئب، تناول الدواء"، وفي المرة الرابعة والخامسة قال نفس الشيء... أعاد الأسطوانة نفسها، كنت أتناول دوائي وأعود... لا مكتئب أنا ولا طبيعي! كنت أغضب أحطم أثور، ثمّ اهمد وأهدأ. ولم يكن غضبي غضبًا، ولا هدوئي هدوء بل كان غضبا أقرب إلى الاستسلام، وهدوء أقرب إلى الموت منه إل الحياة.
ظلّ طبيبي يقول: أنت مكئب، وظلال من النشوة تجتاحني! أغيب أياما وشهورا في نشوة انتصار لا معنى لها، وأذوب في حبّ واهٍ، أغرق في بحر من الشراء والبيع والمشاريع، وأعود حزينا خائبا كمن سقط لتوّه من علُ! ويعيد الطبيب نفسه : أنت مكتئب. أراود نفسي عن هواها، ثمّ أنجرّ معها في أيام كثيرة صعبة، لا أنام، الموسيقى التي في داخلي لا تنام أين أنا؟ من أنا؟ لا أدري يقول الطبيب: عليك أن تضع هدفا لحياتك، حتى النمل عنده أهداف! حينها أكتئب فعلا، فأين للخائبين أمثالي أن يروا الحياة من وجهها المشرق، الطبيب ليس عنده وقت ليعلم أنني أحاول، ولا أجني إلا شرف المحاولة! كيف للطبيب المغرور الذي أعطته الحياة حتّى الثمالة، أن يعلم ما في نفوس الخائبين. يقول أنت مكتئب، وكنت أحيانا أقف على حافة العالم وأقول: أيها العالم أنا أتحدّى أمثالك! وأين لي أن أعلم أن الناس لا يقفون عند حفافي العالم، وأنّى لي أن أدرك أن حزني ليس حزنا وغضبي ليس غضبا وفرحي ليس فرحا. كيف كان علي ّ أن أدرك أن الناس يشعرون بأنفسهم بقوّة، أنهم لا يديرون في أذهانهم حوارات لا تنتهي، وأنهم لا يتوهمون الحب والعلم والسعادة. ولكني، بعد ذلكَ عرفت... ورميت نفسي في جحيم الناس.. وأدركت يومها أنهم يرون ما لا أرى، وأنهم يدركون ما لا أدرك... أدركت أن عقلي يعمل بمفرده لأنني مهووس مكتئب...