الخميس، 11 ديسمبر 2008

كيف أدركت

ها أنا ذا اليوم أقول ما لم أقله قط، أعترف... نعم أنا أعترف... ولكن بأية جريمة؟ وبأي دنس حقيقي؟ لا أدري المهم أنّي أعترف. نعم، لقد قمت بالكثير من الحماقات، الكثير من الآثام... يرفضها المجتمع؟ الناس؟ العالم؟ نعم.. ولكن..
أنا أعترف اليوم بما لا أعترف بوجودِه. أقرّ بما ليس موجودا في شرعي. أنا الذي تألمت، فرحت، عظمت، ثم نمت...
في اليوم الأول الذي قابلت فيه طبيب الأمراض العقلية، قال "أنت مكتئب، تناول الدواء"، وفي المرة الرابعة والخامسة قال نفس الشيء... أعاد الأسطوانة نفسها، كنت أتناول دوائي وأعود... لا مكتئب أنا ولا طبيعي! كنت أغضب أحطم أثور، ثمّ اهمد وأهدأ. ولم يكن غضبي غضبًا، ولا هدوئي هدوء بل كان غضبا أقرب إلى الاستسلام، وهدوء أقرب إلى الموت منه إل الحياة.
ظلّ طبيبي يقول: أنت مكئب، وظلال من النشوة تجتاحني! أغيب أياما وشهورا في نشوة انتصار لا معنى لها، وأذوب في حبّ واهٍ، أغرق في بحر من الشراء والبيع والمشاريع، وأعود حزينا خائبا كمن سقط لتوّه من علُ! ويعيد الطبيب نفسه : أنت مكتئب. أراود نفسي عن هواها، ثمّ أنجرّ معها في أيام كثيرة صعبة، لا أنام، الموسيقى التي في داخلي لا تنام أين أنا؟ من أنا؟ لا أدري يقول الطبيب: عليك أن تضع هدفا لحياتك، حتى النمل عنده أهداف! حينها أكتئب فعلا، فأين للخائبين أمثالي أن يروا الحياة من وجهها المشرق، الطبيب ليس عنده وقت ليعلم أنني أحاول، ولا أجني إلا شرف المحاولة! كيف للطبيب المغرور الذي أعطته الحياة حتّى الثمالة، أن يعلم ما في نفوس الخائبين. يقول أنت مكتئب، وكنت أحيانا أقف على حافة العالم وأقول: أيها العالم أنا أتحدّى أمثالك! وأين لي أن أعلم أن الناس لا يقفون عند حفافي العالم، وأنّى لي أن أدرك أن حزني ليس حزنا وغضبي ليس غضبا وفرحي ليس فرحا. كيف كان علي ّ أن أدرك أن الناس يشعرون بأنفسهم بقوّة، أنهم لا يديرون في أذهانهم حوارات لا تنتهي، وأنهم لا يتوهمون الحب والعلم والسعادة. ولكني، بعد ذلكَ عرفت... ورميت نفسي في جحيم الناس.. وأدركت يومها أنهم يرون ما لا أرى، وأنهم يدركون ما لا أدرك... أدركت أن عقلي يعمل بمفرده لأنني مهووس مكتئب...

هناك تعليقان (2):

  1. اخي العزيز

    اشكرك جدا على التعليق بكلماتك الجميله في مدونتي

    واقول لك

    نحن يا صديقي من نستسلم للإكتئاب و نحن ايضا من ننتصر عليه ولكن فقط اذا عزمنا .. اذا اقسمنا على الله و عليه توكلنا

    اخي في ألم النفس العميق الذي هو اقسى من اي الم بدني

    قم نحارب احزاننا و نبثق على أوجاعنا

    قم لنفرج عن تلك الموسيقى المسجونة في ارواحنا

    قم لنتحدى الكون بقوة إيماننا

    وسل نفسك اخي ثم أخبرني بالجواب

    هل ابتلانا الله دون اغلب البشر إلا لأنه يحبنا نحن المبتلين دون غيرنا

    ان الله اذا احب عبدا ابتلاه

    فإذا صبر اجتباه

    و إذا رضي اصطفاه

    نسأل الله ان يجعلنا من عباده الذين اصطفى

    ولك تحياتي

    د/ ممـــدوح

    ردحذف
  2. مرحبا
    كل عام وانت بخير اخي الغالي
    مع تمنياتي لك بحل جميع مشاكلك باقرب وقت يارب باذن الله

    تحياتي سالم

    ردحذف